نزوح

Poetry by Al Mojeed
Photo by
Mariam Soliman

 

كان أبي يروي والشهقة تكوي حنجرته : عندما تم تهجيرنا صعدنا ظهر جبلٍ ومكثنا هناك طويلًا

وعندما قال لي أنا ما حدث ، مشهدُ الصعودِ ظلَّ يحفرُ عميقًا إلى أن تأصَّل وتدًا في الذاكرة

فهذه القصيدة بعنوان " نزوح " عن صعود الجبل

 

بأظافرٍ كالحةِ اللونِ مسودّة

ووجوه مُغبرة

 لا تقرأ في تقاسيمها إلّا الغيابْ

 

صعدنا ظهر الجبل

 

صعدنا لاهثين مثل ذئابٍ أنحلتها القفارُ

ولم تترك لها إلا عواء مكسورًا يتقطَّعُ كلما جاء ليل

 

صعدنا حاملين معنا صراخًا متكدِّسًا

 ومالحًا من فرطِ الدمعِ

في جيوبنا

حملناهُ معنا بخوفٍ ووجل

لأن حناجرنا تمزَّقت يباسًا

والنداءُ في مدِّها قد انطفأ

 

صعدنا حاملين معنا ماءً لنجعلَهُ يسحُّ قطرةً قطرةً

على الوجنتين لجنازةٍ قادمةٍ تترقَّبُ وتنتظِرُ شخصًا

 لتطوي الزمانَ أمام مشيّعيهِ

 

حملنا معنا جذوعًا عريضةً من شجرِ بيتنا

قبل أن ينقِصف

وتسوِّيه المنجزراتُ رمادَ لمساتِ من غابْ وتركَ على الجدرانِ ظِلَّه

 

حملنا الجذوع لا لشيءٍ فقط

لِنستبدِلها بأقدامِنا التي تهرأتْ من النزوحِ

 

صعدنا لاهثين حاملين غصونًا مكسورةً وخشنةً

كانت تكفي لتكون بدلًا من أكفٍ حاولتْ درأ النارِ عن البابِ المحترِقِ

 

أما أمي فكانت تضعُ في خرقةٍ معقودةٍ كل ضحكات أولادها

ضحكة ضحكة رأيتها ترتِّبهم وتترِكُ للشهيق حريته

هكذا فقط لئلا تشعرَ بالوحدةِ

عندما يشتدُّ في فتوّتهِ الليلُ

ويصهلُ فرسًا جموح

 

أما أبي فقد كان خالي الوِفاضِ

تلهو الريحُ في فراغ يدهِ

لم يحمل معه شيئًا

لأنه عندما أبصر دمًا على البلاطِ دلَّه إلى صدرِ أخيه

أصبح عاريًا

حتى من الحياة

(Submit your poem to thepoetryhood@gmail.com for a chance to be featured)
Previous
Previous

Three Strings

Next
Next

Shower Show